أزمة المكسيك 1994-1995م



أزمة المكسيك 1994-1995م

نجمت أزمة المكسيك 1994-1995م عن تدفق مذهل لرؤوس الأموال إلى خارج المكسيك بشكل سريع ومثير للانتباه، الأمر الذي مهد إلى انهيار النظام المالي العالمي، وقال المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي مايكل كاديمسس إن:" الأزمة المكسيكية عام 1995 كانت الأزمة الكبيرة الأولى في عالمنا الجديدعالم أسواق العولمة، التي جرت وراءها أزمات في عدد كبير من دول العالم، ولاسيما في بلدان جنوب شرق آسيا وأوربا الشرقية .

وكشفت أزمة المكسيك عام 1995م عن ضعف اقتصاديات الدول النامية والأسواق الناشئة في الصمود والتكيف مع الصدمات التي تحدثها العولمة المالية بسبب التحرير المالي والاقتصادي وتحول هذه الدول إلى اقتصاد السوق.

· أسباب أزمة المكسيك المالية 1994-1995م:

1. تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى المكسيك في أعقاب تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 1989م, أدى إلى إخفاء حقيقة العجز في حساب العمليات الجارية والتدهور في المدخرات الخاصة وتقييم العملة الوطنية بأعلى من قيمتها الحقيقة.

2. المغالاة في تقييم سعر صرف البيزو المكسيكي, مما أدى إلى ارتفاع شديد في الاستهلاك, ومن ثم زيادة الواردات زيادة كبيرة, نتيجة قيام المستوردين باستيراد السلع التي يخشون أن تصبح أسعارها أعلى فيما بعد.

3. أدى تفاقم المشاكل التي خلفتها المغالاة في تقييم العملة إلى زيادة الاعتقاد في أنها لن تختفي دون خفض في قيمة العملة, وأن تأجيل الإصلاح يؤدي إلى تكلفة أعلى لها.

4. سلسلة الاضطرابات المالية والتقلبات في سعر الصرف التي مر بها الاقتصاد المكسيكي, كانت نتيجة مباشرة لعوامل اقتصادية خارجية وعوامل سياسية داخلية, وأدت العوامل الخارجية لانخفاضات متتالية في الاستثمارات غير المباشرة , وأسهمت العوامل الداخلية في إشاعة جو من الغموض الشديد على المستوى الاقتصادي والتساهل في السياسية النقدية خلال عام 1994م, والتي أدت إلى توسع سريع في الائتمان الممنوح من البنك المركزي المكسيكي للبنوك, والائتمان الممنوح من البنوك التجارية وبنوك التنمية للقطاع الخاص.

5. تعويم البيزو المكسيكي وتخلي الحكومة عن التزاماتها بإدارة نظام سعر الصرف مما أدى إلى آثار سلبية شديدة على توقعات الأسواق المالية حيث هبطت قيمة البيزو حوالي 40% في 31/1/1995م.

6. تثبيت سعر الصرف المكسيكي جعل من الصعب درء هجمات المضاربة التي تزداد عندما يكون النظام المالي ضعيف, إضافة إلى أن الزيادات المطلوبة في سعر الفائدة من أجل دعم سعر الصرف لها تأثير سلبي على النظام المالي وتسبب أزمة في هذا القطاع.

وأدت الأزمة المالية في المكسيك إلى حدوث عجز كبير في ميزان المدفوعات, وتوقفت معه المكسيك عن سداد الديون الخارجية مع حدوث زيادة سريعة في معدلات التوسع النقدي الذي ساهم في المضاربة على العملة المكسيكية التي انهارت بشدة مما استدعى تدخل سريع للإنقاذ من الولايات المتحدة الأمريكية وصندوق النقد الدولي.

· آثار الأزمة المكسيكية على المستوى الإقليمي والدولي:

1. زعزعة أسواق المال والبورصات في بلدان أمريكا اللاتينية, وتدهور قيم مجموعة من العملات في الأسواق المالية بسنغافورة ولندن ونيويورك.

2. إثارة الشكوك حول قدرة المكسيك على تسديد ديونها وعلى مدى استعداد المجتمع لتقديم أي نوع من المساعدة لعلاج الأزمة.

3. دفع لمستثمرين في الدول النامية للتخلص من الأوراق المالية التي يملكونها في الأسواق الناشئة بغية الحصول على عملات صعبة (دولار أمريكي, فرنك سويسري, ين ياباني, مارك ألماني).



· النتائج المستخلصة من الأزمة المكسيكية :

1. الاقتراض لسداد الديون: إن الأزمة المالية ألجأت المكسيك إلى طلب قرض مالي من صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة لتسديد الديون الخارجية وبلغت قيمة القرض حوالي 40 مليار دولار.

2. صعوبة تنفيذ الإجراءات الاقتصادية السليمة: إن فهم مشكلة أزمة سعر الصرف المكسيكية لم تكن صعبة بقدر صعوبة تنفيذ الإجراءات لاحتوائها, وأن الأموال المتدفقة من الخارج ظلت تقوم بتمويل العجز في الحساب الجاري.

3. تطبيق التعويم الكامل: إن إلغاء قيود تحويل العملة الوطنية وتطبيق التعويم الكامل وفتح أسواق المال على مصراعيه أمام الاستثمار الأجنبي اعتبر إجراءا متسرعا قامت به المكسيكوأضر باقتصادها المحلي وزاد من أزمتها.

4. بيع العملات الأجنبية: إن قرار الحكومة بيع جزء من احتياطي العملات الأجنبية لديها بهدف الحفاظ على استقرار عملتها لم يكن قرارا صائبا حيث أدى إلى انخفاض هذا الاحتياطي .

5. التدفقات الرأسمالية المتقلبة: إن الاعتماد على التدفقاتالمتقلبة تسبب بمشاكل لاقتصاد الدولة المتلقية (المكسيك)، بسبب فقدان الرقابة المحلية والمغالاة في سعر الصرف الحقيقي.

شكرا